"راجعين يا هوى" .. نوستالجيا رائقة لحكاياتنا القديمة 💙
"راجعين يا هوى" .. نوستالجيا رائقة لحكاياتنا القديمة 💙
من الإعلان الأول للمسلسل كان سهلا علينا أن نفهم أن "راجعين يا هوى" الاسم المستوحى من أغنية فيروز الشهيرة هو الشعار الذى رفعه بطل الحكاية بليغ أبو الهنا برجوعه من الغربة بحثا عن ميراثه الضائع ومحاولاته لم شمل عائلته.. لكن الحقيقة أن مشاهدة الحلقات الأولى من المسلسل كانت كفيلة لنقول جميعا... راجعين يا هوى.... راجعين يا دراما زمان... راجعين يا حكايات أسامة أنور عكاشة التى تشبهنا راجعين يا هوى بلدنا يا ذكرياتنا وايام جمعتنا الحلوة...
إحياء نص قديم بروح جديدة
شعور بالحنين الممزوج بالسعادة يسيطر علي فى كل مرة أتابع فيها مشاهد المسلسل وحكايته البسيطة الرائقة خفيفة الدم التى تحمل قيمنا المفقودة فى زحام زمن جديد يحمل من التعقيدات ما يكفى لتعميق أزمة الهوية التى كانت الشاغل الأكبر للكاتب المبدع الراحل أسامة أنور عكاشة ونجح الكاتب الشجاع والذكى محمد سليمان عبدالمالك أن يعيد تقديمها.
فبعد ما يقرب من عشرين عاما من تقديم النص كدراما إذاعية أبدع محمد سليمان عبدالمالك فى إحياء الحكاية برؤية جديدة وبلغة جديدة تناسب ٢٠٢٢ لكنه وفى الوقت نفسه حافظ على الملامح التى تميز كتابات أسامة أنور عكاشة عن غيرها خاصة فى الحوارات ولغتها المعبرة عن كل شخصية وعن فكر كاتبها أيضا.
بصمات أسامة أنور عكاشة
والحقيقة أن مسلسل راجعين يا هوى .. هو عمل مختلف عن كل السائد.. عمل بسيط دون عنف أو جرائم أو خيانة أو ألفاظ أو مبالغة.. لكنها حكاية اجتماعية بسيطة ببصمات وروح أسامة أنور عكاشة.
بداية من البطل العائد لعائلته بعد سنين ليكتشف حجم ما جرى خلالها من تغيير وتفكك ومحاولته اصلاح ما أفسده الزمن.. ستذكرك الحكاية حتما بأبو العلا البشرى ووفية هانم فى امرأة من زمن الحب.. وصراع الميراث بين الإخوة سيعيدك إلى الشهد والدموع وتتأمل الشبه الواضح بين قصة حب أبناء العم طارق وولاء وبين احمد وناهد أو على وزهرة فجميعهم دفع دون ذنب ثمن صراعات الأهل وواجه فى كل مراحله اشباح الماضى. أما حيلة أسامة أنور عكاشة الشهيرة "الخناقة" بين الهانم والست الشعبية من دولت وزينب فى الشهد والدموع لنازك وانيسة مرة ونازك وسماسم مرة فى ليالى الحلمية تراها مجددا فى مشاجرات شريفة ويسرية أو انوشكا ووفاء عامر..
وبطلنا بليغ فيشبه حسن ارابيسك فى حيرته وبطولاته فى الفشل رغم أنه الأطيب والأجدع كما يشبه أيضا بشر عامر فى خفة دمه وشقاوته.
مسلسل كمخرجه (طيب وحنين)
ومن الحكاية للاخراج أعادنا المخرج الشاب المتميز محمد سلامة إلى مصر التى نحبها ونعرفها بشوارعها العتيقة التى تحمل التاريخ جنبا إلى جنب مع الأصالة والدفء والشهامة فى كادرات مميزة تعكس رؤيته للمسلسل والتى لخصها فى كلمتين أنه (طيب وحنين).. وقد كان.
تميز محمد سلامة امتد أيضا للشخصيات ولزماتها ونجاحها كما حكى ابطال المسلسل فى لقاءاتهم فارجعوا كل اسرار تعلقنا بهم إلى لمساته هو.
أفراد عائلة أم نجوم عمل
أما عن نجوم العمل فتألقوا جميعا وظهروا كما لو أنهم عائلة حقيقية نعرفها عن قرب. والبداية من خالد النبوى بكاريزمته وبساطته وموهبته وخفة دمه وهى الصفات التى انتقلت بالوراثة لابنه نور الذى خطف الأنظار بشخصية طارق التى جاءت امتدادا للعم بليغ الذى يشبه بدوره الجد جابر أو المبدع أحمد بدير الذى قدم أداء مختلفا يجمع بين الحكمة والكوميديا فارتبطنا به وبمنزله العتيق وبلزمته الشهيرة (اجيبلك كركديه يطرى على قلبك). وظهرت نور بطلة مختلفة وتألقت هنا شيحة بشخصيتها بين قوسين (دوشة) وأبدعت وفاء عامر بشخصية الأم شديدة الارتباط بأبنائها والمتحكمة فى مصائرهم حتى لو تطلب الأمر اللجوء للدجل المودرن أو استخدام (الشبشب) وهى أمومة امتدت دون وعى لبليغ كما حللتها الدكتورة ماجى ولزوجة ابنها وما قدمته لها من نصائح للحفاظ على زوجها وأيضا لزوج ابنتها رؤوف أو إسلام إبراهيم.. الشرير الطماع خفيف الدم الذى قدم الدور ببصمة خاصة ذكرتنى بتتر مسلسل أرابيسك حين وصف دور المنتصر بالله (زوج أخته الشرير). وعلى الناحية الأخرى من القصر قدمت أنوشكا من جديد دور السيدة الاستقراطية الذكية لكن بتفاصيل جديدة مختلفة. المسلسل قدم أيضا مجموعة كبيرة من الوجوه الشابة على رأسهم سلمى ابو ضيف التى قدمها المسلسل بشكل مختلف جذب المشاهدين الذين تعلقوا بحبها لطارق وتعاطفوا معها فى أزمة إدمانها وايضا إسلام جمال وشريف حافظ أو أبناء العم حاملى لواء العداوة فكرهنا تنافسهما غير الشريف وطريقتها الفظة التى تحولت لتعاطف ومحبة حين كسرا السور الوهمى قبل أن يكسر بيبو الجدار الحقيقى أو ما أسماه (سور برلين) فى الحلقة الأخيرة.
ولا يمكن أن ننسى الإطلالة المبهجة للجميلة سلوى محمد علي ولا الظهور الخاص المتميز طارق عبدالعزيز فى دور الشرير المتخفى فى صورة صديق ولا مفاجأة المسلسل الاستاذ منتصر أو القدير مصطفى حشيش.
حنيت للبيت ولحضن البيت
ولكى تكتمل الحالة جاء التتر الرائق بكلماته الغارقة مثلنا فى الحنين وموسيقاه الهادئة والصوت الدافئ العذب للجميل المبدع مدحت صالح مرددا "حنيت للبيت ولحضن البيت ده انا روحت وجيت استكفيت زيكوا ما لقيت... "
شكرا من القلب لكل صناع المسلسل الذين قدموا نوستالجيا جميلة رائقة همست لأرواحنا أننا قادرين أن نعيد حكاياتنا الحلوة.... وراجعين يا هوى💙
تعليقات
إرسال تعليق